الأحد، 9 يونيو 2019

ديوان صلاة العابرين ..حمد المسماري للتحميل .

صلاة العابرين ..شعر..حمد المسماري ، (طرابلس، منشورات مجلة المؤتمر،2006) ، 70ص ، للتحميل من هنا

انتشاء حد الحزن قراءة فى ديوان صلاة العابرين للشاعر الراحل حمد المسمارى ...عزالدين اللواج




قد يكون العنوان الكلى للديوان هو العتبة الاولى التى من خلالها نلج الى تمحيص الديوان والدخول فى عوالمه ((صلاة العابرين )) وهى أيضا العنوان الفرعى للقصيدة الرابعة فى الديوان ستقودنا هذه العتبة الى استيراد طقسى لصلاة المسافرين والعابرين (( صلاة القصر)) والتى وإن بدت متعجلة الاأنها لاتخلو من الخشوع الكلى كأى صلاة سيما وأنه يفتتح صلاته العابرة هذه بإهداء الى ارواح اناس لهم علاقة خاصةفى دخيلة الشاعر (( أمه وأبيه ..ورجالا رائعين مرو بمدينته العجوز ثم رحلت ارواحهم ايضا شعراء وكتاب لهم تأثيرهم الخاص فى تداعيات وتجليات نصوصه الشعرية (( النيهوم والفاخرى والفزانى)).يمر عليهم فى إهدائه ولكن بتلاعب سياقى فى الجمله (( عابرا اتلو صلاتى ))

النص // (( صلاة العابرين )) وهو إيان الاهداء (( عابرا اتلو صلاتى )) واعتقد أن التوظيف هنا جاء ليحمل السياق الذى قصدته وهى أن الديوان ماهو الا مجموعة صلاوات متعجله اوردها الشاعر ابان عبوره ..هذه الصلوات المتعجلة السريعه هى أيضا خاشعه وحزينة مملوءة بالخيبات والدموع والالم إحالة الى واقع الحال لدى الشاعر.
 
كتبت الى الله رساله
أخبرته أننى
منذ ميلادى وأنا أبكى...)) 1))

إن نصوص حمد المسمارى تشكل فى تداخلاتها أنساقا معرفية معينة أو مشاهد داله على أشياء معينة فى عقلية الشاعر وهذه الاشياء لاتتمظهر اعتباطا بل تكمن خلفها طاقات الشاعر المنفعلة والفاعلة بدورها فى اثراء المناخ العام لكل قصيدة والتى تتجمع فى النهاية لتشكل رؤية الشاعر للعالم من خلال ذاته هو مع أحتفاظه (( أى الشاعر)) بقدرته على الانتقاء الواعى لسلطة الجمالى الكامن فى النظم والانساق اللغوية التى شكل من خلالها فضاء مشهديا دالا على مايود البوح به فى صلواته العابرة تلك يتزامن هذا مع قدرة النص الشعرى عند حمد المسمارى على تشكيل مجموعه من الايحاءات المتجهة فى مجملها نحو غايات رمزية متعددة الانتشار والتشعب أعنى ان هذه العلامات تمضى فى خط رأسى عميق نحو مجهول رمزى فاتحة مفازة متعددة التأويلات التى لاتنتهى والتى لانستطيع بوصفنا المتلقى للنص الوقوع على المعنى الذى نلج من خلاله براح ((القصيدة /النص/ الديوان))والفضاءات المعرفية المكونة لكل ذلك.
 
رغم أننا نستشف بأن الواقع وإرهاصاته هو الحالة المسيطرة على قصائد الشاعر والتى شكل هذا الواقع فيها نوع من الهيمنه يصلح أن نجعله مفتاح الولوج الى العوالم الشعرية لهذا الشاعر رغم أن هذه العوالم هى طافحة بالفجيعة والموت والدموع.

لعينيك منذ أدركت وجودى
وشقأى
أحاول كتابة القصيدة
وكلما أبدأها
تخذلنى حروفها العنيدة
لم أكن أعرف أن الشعر
يغدو عميقا عندما يكتب
على شاهد قبر))2))

او فى مقطع آخر..........

فى غرفة الشاعر
الكلمات تموت قبل أن تولد
والشاعر لايعرف كيف تقال
نسترق السمع
لهمس المشاعر المجنونة
تولد القصيدة
فى كلمة واحدة
آهات...))3))

إن قصائد (حمد المسماري) تؤلف في مجملها أنماط تصويرية لاتخلو من الامتلاء حتى حوافها برائحة الموت والفجيعة .
حتى في القصائد التي تبدو مهداه أو موجهة إلى شخص أو موقف معين لاتخلو من مناجاة مملؤة بالدموع والنواح .. تطفح برائحة الفقد والموت المجاني الذي يقدمه الشاعر مجانيا إبان كل قصيده .

في قصيدته (( من أغاني الغجر)) والتي يهديها إلى الشاعر (( محمد الشلطامى )) يقول في إهدائها إليه :- (( مهداه إلى شاعر الحب والموت والحرية..وناظم أناشيد الحزن العميقة )).

أورد هذا الاهداء فى مقدمة قصيدته الأولى فى ديوانه وكأنما هو هنا يوجه إهدائه الى شخص يحاكيه ويقاسمه ((أناشيد الحزن العميقة )).

دلالة تصبغ الديوان وتؤطره على اعتبارها مففتح الكلام ضمن متن لايحيد عنه (( لغة الحزن العميقة/ القاسم المشترك والمتن معا)) يخاطب ((الشلطامى)) فيقول:-

بكيت وحيدا
أختلطت دموعك بالمطر
وأحتواك خوف كل هذه السنين
وصرخات من أحببت
من وجوه ))4))

يخاطب الشلطامى هنا متكىء على هذه الاستيرادات للافعال(( بكيت وحيدا......أختلطت دموعك.......احتواك خوف))
أفعال تتكىء ولاشك على مخزون معرفى يشكل حوصلة الحزن المنبثق فى قصائد الشلطامى وكأنه بهذا يرتهن بأجزاء من من ماضى الشاعر الشلطامى الشعرى لكنه يعود ليخاطب الشلطامى

لن تزهر الزنابق
فهذه القفار ياصديقنا
مرصودة بالموت منذ البدء
وهذه الديار ياصديقنا
قد نسيت اعراسها والمجد ))5))

إنه يؤكد أستمرار الفاجعه الحزينة التى بداءها الشلطامى عبر الاخبار بأفعال الماضى ليأتى ب((لن)) الجازمة ليقرنها بالاستمرارية ليحفل عالمه هو الاخر بما يحفل به عالم الشلطامى العالم المرصود بالموت والدموع.

وفى قصيدة (( الى عبدالوهاب البياتى)) يخاطب البياتى
ياشاعر عشتار وعائشة ولوركا
والعالم السفلى والاسطورة
مازال هذا الشرق
يعانق الخيال والمأساة
بأنتظار الثورة ))6))

ليخاطبه فى نهاية القصيدة مستكملا مشواره الذاتى المعاش مشوار اليأس والقنوط والدموع

أوقد لنا شمعتين
ليأسنا صلى ركعتين ))7))

وحتى إبان النكوص من الذاتى الى الواقع العربى نجد قصائده تحمل السمة الغالبة للديوان استكمالا للتشائم وخيبات الامل..

ياطفل الاحزان
وداعا
وداعا ياضحية الجحود
وداعا ياضحية الوعود
فنحن قتلناك
قبل أن يغتالك اليهود))8))

وتتكر القصائد وتتكرر المرثيات وتكر اسماء القصائد التى تمتلى بهذا التراكميات المندغمة مع الحزن العميق الذى يحمله بأتجاه الواقع العربى المعاش (( كتاب..العشاء الاخير...دون كيشوت عربى...لاتذرفو الدموع ..الخ)).

هذه قصائد حمد المسمارى مجموعة صلوات عابره حزينه لعابر يتيم يغادر المكان فيما لايزال يحمل فى جوانحه حنين للمكان والشخوص والزمن

الهوامش
· ديوان صلاة العابرين للشاعر حمد المسمارى منشورات المؤتمر فبراير 2006
1/ من قصيدة فى الديوان بعنوان ((عن الحزن وأشياء اخرى )) ص24
2/ من قصيدة فى الديوان بعنوان(( الرحيل)) ص50
3/ من قصيدة فى الديوان بعنوان(( فوضى الكلمات ))ص65
4/ من قصيدة فى الديوان بعنوان(( منن أغانى الغجر)) ص7
5/ من قصيدة فى الديوان بعنوان((منن أغانى الغجر)) ص8
6/ من قصيدة فى الديوان بعنوان(( الى عبدالوهاب البياتى))ص9
7/ من قصيدة فى الديوان بعنوان (( الى عبدالوهاب البياتى))ص12
8/ من قصيدة فى الديوان بعنوان ((إلى طفل يموت على شاشات المرئيات ))ص49


فنـانـونـا الأعــزاء عــودوا إلـى مسـارحكــم * ..حمد المسماري


المتــابع لمــا يقـدمـه التلفـزيـون الليبـي بقنـواتـه الثلاث "الجماهيريـة – الليبيـة – الشبابيـة " خـلال أيـام الشهـر الكريـم لهـذا العـام، ويشاهـد مـا يسمـى ببرامـج المنوعـات علـى مائـدة الإفطـار مثـل سـريب، هـدرازي، الخـال إسماعيـل، المتعولـم، الطايـح مرفـوع، مشهيـة، وغيـرهـا مـن البـرامـج والمسلسـلات المحليـة الساذجـة شكـلاً ومضمـوناً، لا حـظ قطعـاً أن هـذه الأعمـال التـي ضمـت كـل مـن هـب وـدب فـي الوسـط الفنـي نتيجـة التعاقـدات الكبيـرة مـن قبـل هـذه الإذاعـات بمئـات الألـوف مـن الدينـارات بعـد أن فتحـت الخـزان علـى البحـري لكـل مـن قـدم فكـرة عمـل مرئـي لا يرقـى حتـى لتقـديمـه فـي إذاعـة مدرسيـة فمـا بالـك بقنـوات بـلاد تسمـى الجماهيـريـة العظمـى.

كـل عاقـل حكيـم يمتلـك ولـو النـزر اليسيـر مـن ثقافـة مـا، لابـد أن يكـون قـد تسـاءل وهـو يشاهـد نجـوم التمثيـل لدينـا أمثـال فرج عبد الكريم، خالـد الفاضلـي، وصالـح الأبيـض، وميلـود العمـرونـي، وفتحـي بـدر، ونعيمة بوزيـد، وخالـد كافـو، إسماعيـل العجيلـي، سلـوى المقصبـي، سعد الجازوي، حنان الشويهـدي، إلـى آخـر قائمة الأسمـاء لنجـوم هوجـة الأعمـال الرمضانيـة.. يتسـاءل المـرء ببساطـة.. مـا الـذي يفعلـه هـؤلاء؟!! ومـا علاقتهـم بمسمـى فـن أسـاساً ؟.

عنـدمـا نتأمـل مـا أتحفـنـا بـه صنـاع هـذه "التحــف" الفنيـة فـي الشهـر الفضيـل نكتشـف دون كثيـر عنـا أن جـل هـذه البرامـج نفـذت بنسـب قليلـة جـدا مـن مبالـغ الأمـوال التـي رصـدت لهـا، "صحتيـن وعافية" اللهـم لا حسـد، لكـن الحقيقـة المـرة أن ليسـت هـذه هـي المشكلـة فـي عـدم تقبلنـا لهـا، بـل فـي فنـانينـا وكتابنـا ومخرجينـا الذين شاركـوا فـي تنفيـذهـا، واستخفـوا دمهـم وعقولهـم فـي محاولـة بائسـة لإضحاكنـا فكانـت النتيجـة أن ضحكنا عليهـم بصـورة تدعـو إلـى الحـزن والرثــاء.. فلقـد بـدا واضحـاً أن ممثلينـا "نجـوم مسـرح فقـط" فكـم أثـاروا إعجـابنـا وانتزعـوا تصفيقنـا وضحكاتنـا حيــن قـدموا لنـا مسرحيـات مثـل المستشفـى، وكوشـي يا كوشـة وغيـرهـا، لكنهـم حيـن هجـروا الخشبات ملعبهـم الطبيعـي المتوافـق مـع قدراتهـم الفنيـة، وأفشلوا موسـم المسـرح الرمضـانـي هـذا العام مطليـن علينـا يوميـاً مـن خـلال التلفزيـون خسـروا كـل شـيء، وإن ربحـوا أمـوال الإذاعـات التــي كانـت سخيـة معهـم ولـن نلومهـا العـام المقبل إذا مـا قـررت أن تقفـل أبوابهـا مجـددا بوجوههـم، فمـا رأينـاه مـن "إبـداعهـم" فـاق قـدرتنـا علـى الاحتمال وحمـداً لله أن هنـاك اختراعاً اسمـه "ريموت كنترول".

ونظـل نتسـاءل.. ألـم يشـاهـد مـن يعتقـدون أنهـم يقـدمـون لنـا كوميـديا روائـع الأعمـال السـوريـة الكوميـديـة مثـل بقعـة ضـوء ؟، وكيـف يكـون للعمـل عمـق ومغـزى وفكـر إنسانـي عـام عميـق الدلالـة والأبعـاد، معتمـداً علـى ثقافـة صنـاعـه تأليفا، إخـراجـاً، وتمثيـلاً، ونقـارن فنجــد الفـرق الشاسـع بينهـم وبيـن قـدرات ممثلينـا غيـر القادريـن علـى إقناعنـا بمـا يقـدمون لضعـف ثقافتهـم الفنيـة أساسـاً حتـى ولـو نفـذوا أعمالهـم فـي استوديوهات هوليـود، فالأفكـار ميتــة وعقيمـة رغـم ثـراء مشهـدنـا الثقافـي، بروائـع أدبيـة تنتظـر مـن يقـدمها، لكـن فنـانينـا لا يقرؤون علـى مـا يبـدو، وكـل مـن مثـل شخصيـة أعتقـد أنهـا ناجحـة علـى المسـرح جـرجـرهـا معـه للتلفـزيون دون أن يـدرك الفـرق فكـان بالطبـع السقـوط المـريـع لجـل الشخصيـات الرمضانيـة.

ألـم يشعـر هؤلاء أنهـم يقـدمون لنـا أعمـالاً لا تحترم عقـولنا وتفترض سذاجتنـا المفرطـة ؟. نقولهـا بمـرارة، لقـد أصبحنـا متخلفيـن فنيـاً إلـى درجـة مخجلـة، والسبـب إتاحـة الفرصـة بشكـل مريـب لأنـاس آخـرين ما يصلحـون لـه هـو أن يكونـوا ممثليـن أسسـوا شركـات إنتـاج فـي حقائـب سمسونايت، وتعاقـدوا مـع الإذاعـة وأخـذوا مئـات الألـوف منتجيـن أعمـالاً بتكلفـة لا تصـل أحيـاناً لـربع المبالـغ التـي تقاضوهـا كـل هـذا علـى حسـاب سمعتنـا الفنيـة..

فيـا ممثلينـا الأعـزاء رجـاء عـودوا إلـى مسارحكـم، ولا داعـي لهـذا العبـث والإصـرار لتقـديم أعمـال تلفـزيونيـة طالمـا هكـذا مستوانـا بكـل أسـف، عـودوا إلـى مسارحكـم لنعـود نحـن بـدورنـا نصفـق لكـم مجـددا، أمـا التلفـزيـون فيلزمنـا الكثيـر مـن الوقـت والتخطيـط لنقـدم مـن خـلالـه ولـو تمثيليـة واحـدة مقنعـة.

دعايـات فضائيـة ليبيــة: نجـم النجــوم طـارق التائــب بعـد أن التهـم صحنـه الدسـم مـن مكـرونـة "أصيلـة" سـدد كـرة أسـرع مـن الصـوت مزقـت شبـاك المـرمـى، ونسـي هـو والمخـرج أن الحـارس طفـل صغيـر جميـل لـو اصطـدمـت بـه الكـرة لكانـت قتلتــه.  

حفـاظـات المنصـور وعـدد كبيـر مـن الأطفـال العـراة يتحـركـون بصـورة مرعبـة وهـم يغنـون "نلعـب بيهـا ونرقـد بيهـا ومانرتاحش إلا بيهـا" أغلـب الظـن أن هـذه الدعاية الليبيـة مـن إخـراج مخـرج أفـلام الرعـب الأمريكيـة الشهيـر ستيفن سبيلبيـرج.

حـتـى أنـا صحتــي فـي حليـب ريحـان، وعجـوز يرتـدي لبـاس الآباء والأجـداد، لا يبـدو أنـه يمـت إلينـا بصلـة.. أغلـب الظـن أن الدعايـة منفـذة بتونـس. العجـوز غيـر الودودة "مشهية" ظهـرت هـذا العام بصورتها المعتـادة المنفـرة مثل "نشوالات"الأحيـاء والأزقـة الفقيـرة زمـان اللواتـي يكملـن نهارهـن مـن بيـت لبيـت، صـورة عجـوز كريهـة لا تحمـل شـيئاً مـن ود، وحنيـة وطيبـة عجائزنا المباركات، برهنـت هـذا العـام علـى صـواب نظـرتنـا وقلـة وفائهـا، فبعـد أن صـدعـت رؤوسنـا العـام الماضـي بـ "الليبيــة صقـع صقـع عليكـم" هاهـي فـي رمضـان السنـة تصـدعنـا بـ "الجماهيـريـة انبهـار.. شعـاع" بحلقـات صـورت في عـز الشتـاء علـى مـا يبـدو.  

كلمـة "إلـق........." التي ظلـت لازمـة يوميـة لبرنامـج الرسـوم المتحركـة "عــدوا" ألا يعلـم صناعـه أنهـا كلمـة بذيئــة وغيـر مهذبـة فـي لهجتنـا الليبيـة !!

أخيـراً نهمـس لفضائياتنـا الليبيـة، إنـه إذا ما كـان ولابـد أن تتعاقـد كل سنـة علـى هكـذا برامـج هابطـة المستـوى، فلتفعـل وبمبالـغ مضاعفـة، لكـن طلبنـا الوحيـد أن ترحمنـا مـن بثهـا علـى شاشاتنـا فمواطننـا مـش ناقـص ارتفاع ضغـط دم فـي الشهر الكريـم.




* سبق نشر المقال بصحيفة "قورينا" بتاريخ 24 سبتمبر 2008