الجمعة، 30 مارس 2018

أحـوال مبكيـة ....حمد المسماري


لكـل أقـام مناحتـه هـذه الأيـام علـى أحـداث غــزة التـي تدمـي القلـب، وتــدفـع المـرء بأن يكفـر بكـل ما هـو عـربـي بـل وإنسـانـي كذلـك ، وتسمـرت أعيـن الملاييـن مـن المواطنيـن العـرب الديـن لا حـول ولا قـوة لهم أمـام الفضائيـات العربيـة ونشـرات الأخبـار فـي قناتــي الجزيـرة والعربيـة اللتيـن بـدتا وكأنهمـا أقـرب للفـرح بهـذه الصـور الداميـة التـي نشاهـدهـا علـى شاشتيهـما، ورفعـت نسبـة المشاهـدة، فمصائـب أبنـاء غـزة عنـد قـوم الفضائيـات فوائـد. واختفـى مناضلو مكبـرات الصـوتوتحليلات الفضائيـات مـن حمـاس، وكتائـب القسـام، وكتائـب الأقصـى، خـوفـاً علـى أرواحهـم بالتأكيـد، فالصواريـخ الإسرائيلية ترصـد كـل شاردة وواردة لهـم ، وعلـى كـل حـال ارتـاح النـاس مـن وجوههـم وأكاذيبهـم التـي وضعـت أبنـاء غـزة الأبريـاء فـي هـذا المـأزق المريع، بعـد أن أطلقـوا آلاف الصـواريـخ علـى المستوطنـات ولـم يقتلـوا يهـودياً واحـداً بعـدد أصابـع اليـد الواحـدة.. ويتسـاءل المـرء مـاذا يطلقـون بالتحـديـد ؟ أهـي صـواريـخ حقيقيـة أم صـواريـخ ألعاب ناريـة ؟ وظهـر السيـد حسـن نصـر الله ابـن آيـات الله البـار فـي طهـران، متناسيـاً الكارثـة التـي أوقـع فيهـا لبنـان عـام 2006م بعـد أن اعترف شخصيـاً أن حـزب الله خـاض تلـك الحـرب بحسابات خاطئة كـانت نتيجتهـا بالطبـع أكثـر مـن 1600 ضحيـة مـن أبنـاء لبنـان الأبريـاء، وتدميـر مـدن وقـرى وبنـى تحتيـة وخسـارة المليـارات ، وبنـى المهرجون انتصـاره بتلك الأيـام علـى مـوت بضعـة جنـود إسرائيليين مقابـل حمامـات الدمـاء الطاهـرة لأطفـال لبنـان.. ظهـر السيـد نصـر الله مستغلاً غضـب العـرب والمسلميـن متهجمـا علـى مصـر وحاثـاً ضباطهـا وجنـودها علـى الثـورة وعصيـان الأوامـر، فـي محـاولـة خبيثـة النـوايـا لتوريـط مصـر فـي حماقـات حمـاس وبقيـة الفصائـل التـي تدعـي المقاومـة والجهـاد، وكـل منجـزها الميـداني علـى أرض الواقـع اعتقـال أبنـاء شعـب غـزة المساكيـن والمتاجـرة بأرواحهـم ، بـل والمتاجـرة حتـى بمدخـرات أموالهـم فـي فضيحـة الحجـاج الفلسطينييـن.

وعلـى العـرب الغاضبيـن بصـدق وحرقـة فـي شـوارع وميـاديـن العواصـم العربيـة بمباركـة حكامهـم حتـى لا تنالهـم غضبتهـم، أن ينبـذوا منطـق العواطـف والمشـاعر، ويفكـروا بروية، فطهـران كمـا نعـرف تملك صـواريـخ يمكنهـا أن تقصـف قلـب تل أبيـب، وبيـت أولمـرت ووزيـرة خارجيتـه الشقـراء الـتـي قالـت ببساطـة للعـرب مـن خـلال الجزيـرة، نحـن انتخبنا المواطـن الإسرائيلي لنوفـر لـه الأمـان مـن حمـاس وعلينـا أن نفعـل، ونصحـت الفلسطينييـن بالابتعاد عـن أماكـن وجودهم ، لكـن لسـوء حـظ الفلسطينـي المسكيـن أن أبطـال حمـاس لا يطيـب لهـم الاختبـاء إلا وسـط صغـاره. ككـل مواطـن عربـي شبـع هـزائـم إلـى درجـة التخمـة، مـا زلـت أنتظـر أن تتحـقق نبـوة عبـد الناصـر منـذ عقـود برميهـم فـي البحـر، ومـا زلـت علـى رأي أحـد المهرجيـن مـن أهـل المغنـى "أكـره إسرائيـل" لكـن بنفـس الوقــت، ازدادت قائمـة الكراهيـة بآلاف الأشيـاء الأخـرى بدايـة مـن الحكـام العـرب وليـس بآخـر مفكريهـم، ومحللـي مصائبهـم بربطـات عنـق باريسيـة علـى الفضائيـات العربيـة، ورافعـي الرايـات الجهـاديـة اليائسـة بالسيـوف فـي وجـه ترسانـة عسكريـة مهولـة، رايات أسلحـة جهـاديـة لـم تقتـل يهـودياً واحـداً حتـى الآن رغـم غرقهـا فـي حمـامـات دمـائنـا، لنـا الله يـا أمـة قـال عنهـا المتنبـي شاعـرهـا الأعظـم عبـر العصـور ذات زمـن "يـا أمة ضحكـت مـن جهلهـا الأمـم".  


* نشر المقال أيضا بصحيفة قورينا - 31 ديسمبر 2008

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق