الثلاثاء، 26 أغسطس 2014

إلى طفل يموت على شاشات المرئيات ... حمد المسماري

ها نحن يا محمد نبكيك
وما الذي نملكه سوى
الدموع
وكيف يا صغيرنا نمنع عنك الموت
ونحن عاجزون أن ندفيك من برد
عاجزون أن نطعمك من جوع
رأينا خوفك
صعقنا موتك
صلينا كعادتنا عليك في خشوع
ثم وضعنا فوق قبرك زنبقة تضوع
وتوقفنا عن البكاء

* * * * *

الليل يا صديقنا
والصرخة الخرساء والشجون
الخوف والأحزان والظنون
وموت الدمعة الحرى على الجفون
وأنت في مفترق الدروب
بكاؤك المرير قطع القلوب
جراحك عميقة عميقة
والبوح في مدن
الرجال الجوف انتحاراً
لكنها وأسفي الحقيقة .

* * * * *

يا صغيرنا
العربي حتى الآن لا تهزه المأساة
موتنا أضحى لعبة يتقنها الغزاة
نتابع الأخبار
نشاهد بأعيننا الخراب والدمار
لم نشعر بالذل
لم نشعر بالعار
أحلامنا الصغيرة مصادرة
آمالنا في النصر رؤية عابرة
اعتدنا يا محمد
ترديد أناشيدنا القديمة
وانكسار القلب ومرارة الهزيمة .

* * * * *

نصدق من سنين
ما يقوله المذياع عن سلام في الأفق
ننتظر بصمت خروجنا من عتمة النفق
نحلم بالشمس وبالربيع
ونغمض العيون حتى لا نرى
وطنك وشعبك يضيع
نواصل الصلاة والدعاء
" إلهنا القدير فك كربنا
إلهنا القدير بارك جندك
إلهنا بنصرك أغثنا
خاسرة للعين تبدو حربنا "

* * * * *

الموت لا يحدث مرتين
ونحن ألف مرة نموت
نموت خجلاً
نموت أسفاً
نموت عاراً
نموت ونموت ونموت …
صوتنا نبرته شديدة الخفوت
العربي في صورته مجنون
يلوح منذ زمن بعيد
لمدافع البوارج والأعداء يضحكون
يلوح بغصن شجرة زيتون .
 
 * * * * * ويظل الشوق
على رصيف المقهى
يقتلنا انتظاراً ورجاء
لا نستطيع البوح
بخوف في صلاتنا
نهمس بالدعاء
في مدن العذاب والجراحات الكبيرة
لم يعد بوسعنا أن نتكلم
صار مسموحاً فقط أن نتألم

* * * * *

يا صديقنا الصغير
لا تنخدع .. مظهرنا مزيف
العربي حقيقة مواطن مسكين
يسكنه خوفه
يؤلمه جرحه
يقتله حزنه
حياته ألم
وجوده أشبه ما يكون بالعدم .

* * * * *

يا طفل الأحزان
قدرنا أن نحيا ونموت
في وطن لا يتقن سوى النسيان
يا طفل الأحزان
أغفر ضعفنا فقد عجزنا
أن نمنحك الآمان
عجزنا أن نمنحك السلام
في مدينة السلام
يا طفل الأحزان سلاماً
يا قدس الأديان سلاماً
سلاماً إلى كل شهيد في تراب القبر
سلاماً إلى كل أم بحرقة أطفالها تنتظر
سلاماً إلى كل شيخ بللت لحيته الدموع
سلاماً إلى كل زهرة جورية في شرفة
المساء عطرها يضوع .

* * * * *

يا طفل الأحزان
وداعاً
وداعاً يا ضحية الجحود
وداعاً يا ضحية الوعود
فنحن قتلناك
قبل أن يغتالك اليهود .


 
الأثنين 01 يناير 2001

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق