السبت، 24 مارس 2018

مساميــر: مســؤول سنغافــوري *.....حمد المسماري

سنغافـورة بـلد متقدم جـداً أستغـرق ظهـوره كقوة اقتصـادية ضمـن كوكبـة ما يعـرف بالنمـور الآسيوية أقـل مـا استغرقت فتـرة بنـاء المستشفـى المركـزي ببنغـازي الـذي لـم نتممـه أو نفتتحـه بعـد ومـن سنغافـورا استوردت أمانـة التعليـم هـذا العـام لتلاميـذنا مـا يعـرف بـ "المنهـج السنغافـوري" دون أن تعـد معلمينـا لتـدريسه، اللهـم إلا إذا اعتبرت تلك الدورات الهزيلـة لأقـل مـن شهـر، وجلبـت لهـا خبـراء مصرييـن فـي الكمبيوتـر، أتضـح أنهـم لا يـزيدوا كفـاءة علـى أي شـاب ليبـي درس هـذا المجـال ، وبشهـادة المعلميـن لـم تفدهـم هـذه الدورات شـيء يذكـر.. ولا أريـد هنـا أن أتحـدث عـن التعليـم الـذي حالـه كمـا يقـولون يصعـب علـى الكافـر ، بـل أريـد أن أقـدم اقتـراحاً لمـن يملكـون سلطـة القـرار، ويخططـون لمستقبـل هـذا الوطـن، وهـو أنـه طالمــا نحـن نستـورد كـل مـا يتعلـق بحيـاتنـا، لمـاذا لا نفعلهـا كمـا فعلهـا الأخـوة فـي التعليـم ونستــورد لبـلادنـا مســؤوليـن وأمنـاء سنغافورييـن، علـى الأقـل يبتسمـون فـي وجوهنـا نحـن الموطنين البسطـاء، ولا يتذمـرون مـن شكـوانا أو يطـردنـا جنـود الحراسـة التابعيـن لهـم مـن علـى أبـواب مكاتبهـم وداراتهـم الفخمـة أن مررنا عرضـاً بشوارعهـم.. احظروا لنـا مسؤوليـن ليســوا مـن أبنـاء جلدتنـا ويفضـل ألا يتحـدثـوا العربيـة ولا يقـولـوا لا إلله إلا الله، فقطعـاً سيكـونون أعــدل وأرحـم لنـا ممـن يتقلـدون المناصـب العليـاء جالسيـن علـى الكـراسـي الوثيـرة، مداعبيـن بأصابعهم مسابحهـم الزمرديـة.

دعونـا نجـرب أن يـدير لنـا أمـورنـا غيـرنـا، بعــد أن فشلنـا حتـى فـي بنـاء فصـل دراسـي دو أن نسـرق نصـف ميزانيتـه، بعـد أن وصـل الحـال بالموظـف والمسـؤول عنـدنا ليـس بقبـض الرشـوة فقـط بـل وعـدهـا بوقاحـة علـى المـلا، بعـد أن تكـدس فـي سجـوننا المجـرمون الصغـار سـارقي مسجـلات السيـارات، والخـراف فـي عيـد الأضحـى، دون أن يمـس قضـاتنا شعـرة مـن سارقـي الملاييـن، وقـوت النـاس رغـم مئـات القضـايا التـي تدينهـم وواضحـة كمـا الشمـس.

دعـونا نجـرب السنغافوريين فقـطعا سيوزعـون الثـروة علـى مـن يستحقهـا فليـس لهـم أبنـاء عمـومة يتقاسمونها معهـم، وسيخصصـون المشاريـع الإسكانيـة الجـديدة علـى سأكني أكـواخ الصفيـح التــي بدأت تظهـر بعـد 39 سنـة من عمـر الثـورة.

دعـونا نجـرب المسـؤول والأميـن السنغافـوري، بعـد أن أثبـت لنـا الوطنـي أبـن البـلد أنـه لا تعنيـه ليبيـا بقـدر مـا تعنيـه ثـروته وحساباتـه البنكيـة بالخـارج.

دعـونا نجـرب السنغافـوريين فهـم علـى الأقـل لا يجيـدون لغتنـا، ولـن يوجعـوا رؤوسنـا بالهتـافات والشعـارات التـي يـزايدون بهـا علينـا، ولـن يـزايدوا بالانتماء لحـب وطـن يعـرفـون بالضبـط مـا جـاءوا إليـه مـن أجلـه، والأهـم مـن هـذا كلـه ليـس لديهـم انتمـاءات قبليـة متخلفـة، ولا يؤمنـون بشيـخ قبيلـة، ولا قيـادات شعبيـة، ولا لجـان خبـراء لا تخبـر مـوقـع أقـدامهـا، ولا بروابـط شبـاب شابـت أجيالهـا قبـل وقتهـا.

لقـد جـربنـا كـل شـيء فـي هـذا الوطـن ولـم ننجـح فلا ضيـر أن جـربنـا استيـراد المسـؤولين السنغافوريين، وإن فشلـوا فبـلاد الله واسعـة هناك الصينيـون واليابانيـون، والإنجليـز والأمريكان والألمـان، والطليـان أيضـاً الـذيـن تغيـروا علـى ما يبـدوا، وصدقـونـي ستكـون النتائـج أفضـل مـن ألـف مسـؤول وأميـن مـن أبنـا جلدتنـا الآكلين الأخضـر واليابـس.

 
* سبق نشر المقال بصحيفة "قورينا" بتاريخ 18 نوفمبر 2008

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق