السبت، 24 مارس 2018

جبهة خارجية في الحروب القورينية ...حمد المسماري


ليـس مـن المنطـق أو المعقـول أن تتعـرض صحيفـة مـا تزال فـي أعـدادهـا التجريبيـة الأولـى لمثـل هـذه الحـروب الشرسـة التي تتعـرض لهـا صحيفـة قورينـا ، فمـا يكـاد يهـدى غبـار معركـة غيـر مفهومـة الدوافـع لإشعالهـا حتـى تشـن ضدهـا مـن هـذا أو ذاك حـرب أخـرى أكثـر شراسـة ، فمنـذ انطلاق عـددها الصفـر منـذ أقـل مـن ثلاثـة أشهـر ناصبهـا الكثيـرون عـداءً غير مبـرر أو مفهومة دوافعه التـي لـم تكن طيبـة على الإطـلاق بأي حـال .

فمـع إنطلاقـة العـدد صفـر للصحيفـة منـذ ما يقـارب الثلاثـة أشهـر ، تلقـت طعنـات بسهـام النقـد مـن قبـل عــدد كبيـر مـن كتـاب الداخـل الـذي درجـوا علـى احتـواء كـل صـوت يحاول أن يتميـز ويقـول كلمـة طيبـة بعيـداً عنهـم ، فرفـض هؤلاء خطابهـا حتـى قبـل أن يسمعـوه !!

اتهمـت قورينـا فـور صـدورهـا بعـدم الاستقلالية ، وهـي أساسـاً لـم تدعـي يومـاً بأنهـا مستقلـة بـل قالـت بوضـوح لا لبـس فيـه " الـرأي للجميـع " مـن خـلال شعـارهـا ، وانفتحـت علـى جميـع الآراء مـا أمكنهـا ذلـك .. قارنـوا الصحيفـة بمجلـة " لا " دون مراعـاة أدنـى اعتبار لمنـاخ وجـودهـا والفتـرات الزمنيـة والظـروف التـي أوجدتهمـا ، والاثنان فـي واقـع الأمـر مطبوعـات وجـدت للتعبيـر عـن همـوم المواطن المغلـوب علـى أمـره ، ظهرتـا بمباركـة الدولـة وهـذه حقيقـة يدركهـا الجميـع رغـم محاولات إلبـاس مجلـة " لا " ثـوب بطـولـة لا يناسـب مقاسهـا مـن قبـل الحـرس الثقافـي القـديم فـي الداخـل ، ولـم يـراع هـؤلاء لقورينـا انفتاحهـا علـى كتـاب خـارج الوطـن تفاعلـوا معهـا وباركـوهـا وتواجـدوا علـى صفحاتهـا أمثـال الأساتذة – علي بوزعكـوك – عيسـى عبد القيـوم – رمضـان بوغاليـة – فـرج نجـم – وغيرهـم فـي الوقـت الـذي أقصـي فيـه جلهـم مـن علـى صفحـات ليبيـا اليـوم مثـلاً التــي ترفـع شعـار الاستقلالية رغـم تبعيتهـا المستتـرة للتيـار الأخـواني المتصـف بالرزانـة والـذي أخرجته ليبيـا اليـوم عـن وقـاره وسعـة صــدره فـي الحـوار والجــدل بحروبهـا الدنكيشوتيه القورينيـة المعلنـة وغيـر المعلنــة ، كذلك لا يمكـن للمـرء تجاهـل المؤشـرات القويـة لارتباط ليبيـا اليـوم " المستقلـة " بمؤسسـات النظـام فـي الداخـل، وأيضـاً وزيارته لمركـز دراسات الكتـاب الأخضـر .

وحكايـة ليبيـا اليـوم وحربهـا الطاحنـة بوجـه صحيفـة مـا تزال تحـاول أن ترسـخ أقدامهـا فـي فضـاء الصحافـة الليبيـة موضـوع يستلـزم منـا أكثـر مـن وقفـة ، وتحليـل موضـوعـي ، ففـي الوقـت الـذي اعتقد فيـه الجميـع أن ليبيـا اليـوم ستكـون سنـداً قـويـًا لقورينـا بخبـرتهـا المتواضعـة سيمـا أن جــل الأسمـاء التـي ظهـرت كتاباتهـا علـى صفحـات قـورينـا كـان لهـا دوراً كبيـراً فـي نجـاحـات ليبيـا اليـوم ،أمثـال الدكتـور المفتـي ونجـم وإدريس المسمـاري وطرنيـش ، د . زاهي المغيربي ، د . فتحي البعجة ، ود. الحصـادي وغيـرهـم ، وليـس بآخـر مـن أفـردت لهـم صفحـات ليبيـا اليـوم رئيـس تحـرير قورينـا نفسـه وكذلـك كاتـب هـذه السطـور ، وحتـى خالـد المهيـر مراسـل ليبيـا اليـوم الـذي استقبـل فـي قورينـا بترحـاب ونشـر مـن خلالهـا بعـض قـديم نتاجـه وتصـرف تجاه الصحيفـة بعـداء غيـر مفهـوم فيمـا بعـد .

وادعاء ليبيـا اليـوم للتميـز رغـم أنـه ليـس هنـاك ثمـة صحيفـة ليبيـة متميـزة أصــلاً منـذ مـا يقـارب الأربعـين عـامـاً ، وأن وجـد هـذا التميــز فلكتـاب الداخـل الـذيـن مـا أنفـك يهاجمهـم الصـديق "سليمـان دوغـة " ويسخـر منهـم بمناسبـة وبدونهـا الـدور الأبـرز فيـه ، ومـا أدعـاء المهنيـة واستعـراض العضـلات علـى شـاب بسيـط مثـل " بوقيلـة " وبعـض شابات الصحافيـات بالمؤسسة العامـة للصحافـة فـي نـدوة طرابلـس سـوى محاولـة غيـر طيبـة للطعـن فـي كـل قدراتنـا الصحفيـة فـي الداخـل التــي يعتبرهـا الصـديق دوغـة للأسـف تجهـل ألـف بـاء الصحافـة رغـم تحقيقـه لنجاحـات ليبيـا اليـوم التـي يتباهـى بهـا مـن خـلالهـا ، وكـان ألأستـاذ سليمـان يتحـدث عـن المهنيـة ويتناسـى تغطيات ليبيـا اليـوم لإحـداث ساخنـة مـن واقـع المكـان لـم يحظـرهـا مراسلوه أصـلاً كتبوها عـن طريق السمـع مثـل تصعيـدات بنغـازي لرابطتي الصحفييـن والكتـاب ، والنـدوة الجامعيـة عـن التخطيـط وغيـرها،حيـث كـذب مـن نقلـت عنهـم التصريحـات علنـاً مـا جـاء علـى ألسنتهم بليبيـا اليـوم ونفـوا لقـاء مراسليهـا أسـاسـاً .

فمنـذ البدايـة ناصـب الأستـاذ سليمــان ومراسليـه فـي ليبيـا اليـوم العـداء المستتـر والمعلـن لقورينـا ، فأعلنـوا تباكيهـم علـى فـرص عمـل الليبييـن لمجـرد الإعـلان عـن قـدوم طاقـم فنـي مصـري جـاء لإخـراج الصحيفـة ، لسبـب بسيـط هـو أن بنغـازي لـيـس بهـا سـوى ثلاثـة أشخـاص فقـط هـم " المزوغـي ، بن عطيـة ، وعاطـف الأطرش " بإمكانهـم إخـراج صحيفـة مـع ملاحظـة أن الأخيـر لـم يعمـل مـع الصحيفـة لظـروف عملـه بمجلـس الثقافـة العام وتلـك حكايـة أخـرى وحـرب أخـرى ، و كـان للمـزوغي وبن عطيـة ظروفهمـا الاجتماعية والصحيـة واصـلاً مـن غيـر المعقـول استمـرار صحيفـة يوميـة مـن 12 صفحـة بمخرجيـن اثنيـن فقـط ، والجميـع يذكـر الزوبعـة الـتـي أثيـرت حينهـا وانتهـت بفنجـان .. وفـي تصـرف غـريب أخـر لمراسلهـا تـم تحـويل حـديـث عابـر بمقهـى لرئيـس تحـريرهـا إلـى تصـريـح رسمـي وعنـاويـن عدائيـة براقـة والكـل تابـع كيـف انتهـت هـذه المهزلـة بحـذف الموضـوع كليـاً مـن صفحـات ليبيـا اليـوم وإلـى الأبـد !! . وقـد كـان لـي شـرف اللقـاء بالصـديق سليمـان دوغـة فـي طرابلـس بمؤتمـر النشـر الإلكترونـي ، وأحسست رغـم حماسـه بمـدى غربتـه عـن مناخانا الثقافـي والاجتماعي والسياسـي بالداخـل ، وللرجـل عـذره نتيجـة غيابـه الطويـل عـن الوطـن لكننـي اعتقدت أن ثقافتـه وخبرتـه ستكـونان حائـلاً دون جـره لمعـارك وحـروب تافهـة في مياديـن وساحات لم يخبـر تضاريسهـا وتغيراتهـا جيدًا منـذ زمنـاً بعيـد .
وهـا هـي ليبيـا اليـوم بجلال قـدرهـا تضخـم خطــاء مطبعـي وارد الحـدوث فـي كـل صحافـة الدنيـا محولـة إيـاه بعدائيـة لا تخطيهـا العيـن إلـى حـرب كونيـة ثالثـة بغرابـة شـديدة وسـط الكثيـر مـن علامـات ألاستفهام والدهشـة لانجـرار العـزيـز سليمـان وليبيـاه اليـوم لهـذا التصـرف غيـر الطيـب النـوايـا تجـاه قورينـا الـتـي دعتـه مـراراً وتكـراراً للمساهمـة والكتابـة بصفحاتهـا ، وحتــى أسئلة الحـوار الـذي رغبت شخصيـاً إجـراءه معـه لنشـره بقـورينـا مـا تـزال بإميلـه ولا أعتقـد أنـه سيطلـق سراحهـا لأسبـاب لا أعلمهـا بالطبـع .

والغريـب أنـه فـي الوقـت الـذي توقعنـا فيـه بصحيفـة قورينـا أن الحـروب والانتقادات ستأتينا مـن مواقـع صريحـة فـي خطابهـا المعارض للنظـام الليبـي مثـل " ليبيـا المستقبـل – ليبيـا وطننـا – أخبـار ليبيـا " وغيـرهـا مـن المواقـع الليبيـة بالخـارج التـي لـم نكـن نتواصـل معهـا أساسـاً كمـا كنـا نفعـل مـع ليبيـا اليـوم وجيـل ليبيـا ، وكنـا نشعـر بالقلـق أحيـاناً لوجـود صـورنا ومقالاتنـا علـى صفحاتهـا ، إلا أننـا اكتشفنا أن مشرفيهـا أكثـر حكمـة في تفهـم ظـروف تواجـدنا الحياتـية بالداخـل ، ولـم يهاجمـونا كمـا فعـل موقعنـا الصـديق ليبيـا اليـوم .

ونعـود للمهنيـة فهـل يمكـن لأحـد أن يفسـر لنـا تجاهـل موقـع ليبـي يدعـي الاستقلالية ، لوقائـع وأخبـار حـدث بحجـم المؤتمـر الوطنـي للمعارضـة ، والـذي ربمـا يكـون انعقدت جلساته علـى بعـد مرمـى حجـر مـن سكـن الصديـق سليمـان بلنـدن ، وتعامـلت ليبيـا اليـوم بنفـس طريقـة صحـف المؤسسة تجاهـه بالتجاهـل التـام ، ربمـا بتعليمـات صارمـة ؟ .

وتبقـى الحيـرة والتساؤلات قائمـة حـول طبيعـة الهجمات الشرسـة ودوافعهـا مـن قبـل ليبيـا اليـوم ومراسليهـا تجـاه صحيفـة قورينـا الـتـي كـل ذنبهـا اقترابها مـن همـوم النـاس ومشاكلهـم اليوميـة فـي الشـارع الليبـي ، بشهـادة نفـاذهـا مـن أكشـاك البيـع بمجـرد ظهـورهـا وهـذه حقيقـة لا تقبـل الجـدل بمقيـاس جمهـور القـراء الواسـع بالشـارع الليبـي، لا جمهـور رواد مقاهـي الإنترنيـت المرعوبيـن بفتـح صفحـات المواقـع الليبيـة المهاجـرة خـوفاً مـن فصـل الخـط مـن صاحـب المقهـى ، أو زمـلاء أجهـزة الحاسـوب المجاورة ، هـذا إذا مـا علمنـا أن نصـف شعبنـا لا يعـرف كيـف يفتـح الكمبيوتـر أسـاساً والنصـف الباقـي المفترض مطالعتـه لليبيـا اليـوم وغيـره مـن المواقـع 99 % منـه لا يطالـع الإنترنيـت سـوى بالمقاهـي ، ولـو تجاوزنـا كـل هـذا فقـورينـا صحيفـة ورقيـة وليبيـا اليـوم إلكترونيـة ، ولا مجـال للتنافـس علـى القـراء لاختلاف طبيعتهـما ، وقـد تفهـم التصرفـات الغريبـة لليبيـا اليـوم تجـاه قورينـا لـو كان للأخيـرة موقـع علـى شبكـة المعلومات العالمية ، لكن موقعهـا لـم ينطلق بعد .

فيـا صديقنـا سليمـان دوغـة وأخوتنـا فـي ليبيـا اليـوم لنكـن موضوعييـن ولا داعـي لكـل هـذه الخبطـات الصحفيـة المضحكـة ، فصحيفـة قورينـا يكفيهـا جبهـات الحـرس القـديم بمكاتـب الاتصال باللجـان الثوريـة ، والمسـؤوليـن أصحـاب النفـوذ المتضايقيـن مـن وجـودهـا ولستـم فـي موقـع يسمـح لكـم التنظيـر علـى مسـارهـا مقارنـة بحجـم رواد راحليـن أمثـال النيهـوم ورشـاد الهونـي اللذان قـدما خطـاباً صحفـياً ليبيـاً أبهـر مواطننـا الطيـب حيـن كتبـوا لـه مـن بنغـازي وهلسنكـي ولنــدن ، فمواطننـا الآن يريـد صحافـة تعبـر عـن همومـه ومصائبـة وقورينـا تحـاول أن تقـدمها لـه مـا أمكنهـا ذلــك فـي ظـل ظـروف تواجدهـا داخـل الوطـن ، فيمـا أنـتم فـي ليبيـا اليـوم " المستقلـة " تستثمـرون هموم هـذا المواطـن بمـزايدات لا تخطـي العيـن المدربـة أغراضهـا ومراميهـا تجـاه منظومـة السلطـة فـي ليبيـا .

وليسمـح لـي الصديـق سليمـان أن أهمـس لـه صادقـاً أن لا يسمـح لنفسـه ومكانتـه بـأن يجـره البعـض لمواجهـات وحـروب لا معنـى لهـا مع صحيفـة قـد تغلـق أبوابهـا فـي أي لحظـة نتيجـة غضـب مسـؤول مـا من كتاباتها ، وفـي عـرف الصحافـة وبعيـداً عـن المهنيـة التـي تتحـدث عنهـا ، فلا أنتــم أتممتم عامكـم الرابـع زمنيـاً ولا قـورينـا تجـاوزت الشهـر الثالـث من عمـرها ، لـذا لا مفـر مـن القـول أن مـا تعتبرونـه خبطات صحفيـة تجـاه قـورينـا ليـس سـوى شطحـات تـدعوا للضحـك والرثـاء ، فلنوجـد أولاً عمـراً زمنـياً مقنـعاً للحكـم علـى التجـارب ، ومـن ثم لتتفجـر كـل الصراعات المضحكـة المبكيـة .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق