الثلاثاء، 13 مارس 2018

لبنان وجنون الزعماء والسيدة فيروز.....حمد المسماري



للبنان في قلوبنا كمواطنين عرب بسطاء مكانة خاصة ، وحباً كبيراً ربما كان دافعه مكانته الفكرية والثقافية ودور نشره التي رافقت إصداراتها وترجماتها سنوات طفولتنا وصبانا .. وربما كان دافع هذا الحب أيضاً صوت مطربته العظيمة فيروز ، وكتابات جبران ونعيمة وإيليا أبو ماضي وغيرهم من رواد الفكر والأدب في العربية .

وبصراحة فهمي للسياسة لا يتعدى فهم ذلك القروي المتنور الذي يشرح لأهل قريته زمن الحرب العالمية الثانية ، كيف أن الإنجليز احتلوا لندن ، والبريطانيين يسعون لمساعدتهم .. لكن نشرات الأخبار في الفضائيات وحبنا القديم لوطن الأرز وفيروز ، وما يفعله به زعمائه من مصائب وكوارث وأزمات يدفع المرء بأن يدلو بدوله ، ويقول رأيه فيما يحدث مهما كان هذا الرأي مضحكاً وغبياً للسادة محترفي التحليلات السياسية في الفضائيات العربية والصحف وشبكة المعلومات عبر الإنترنيت ..

فمأساة هذا الوطن الصغير الجميل لبنان ، كما أراها لا تكمن في تركيبته الطائفية بقدر تجسدها في تصرفات الحمقى من قادته وزعمائه الذين بصدد جره هذه الأيام لحرب دموية ثانية على غرار ما فعل أسلافهم في السبعينيات من القرن الماضي .. فالسيد نصر الله الشيعي يريد رهن قدر هذا البلد لآيات الله في طهران وتابعيهم في دمشق حتى وأن تحالف مع المسيحي عون ، بعد أن تقاسم مع نبيه بري كعكة العطايا الإيرانية للشيعة في لبنان ، وهاهم يرفعون نفس الشعارات الحماسية الغبية عن حرية الإرادة السياسية ويدفعون المال لبسطاء اللبنانيين للخروج للشارع وإسقاط الحكومة الشرعية ، بعد أن دكوا بيوت هولاء البسطاء على رؤوسهم في حرب لا يخوضها عاقل تهمه مصلحة بلده مع إسرائيل ، وكانت هذه الحرب الأخيرة نتيجة مباشرة لخطط إيران التي أرادتها ليغض العالم النظر عن ملفها النووي ، نفذها لهم نصر الله بنجاح وليذهب لبنان وأطفاله إلى الجحيم ، فكانت النتيجة خطف جنديين تجاهلته إسرائيل ولم تستبدلهم له بأسراه ، وموت ما لا يقل عن 1600 لبناني وتدمير الاقتصاد وعشرات البلدات الآمنة ، وفي تلك الأيام احترمت دموع فواد السنيورة الضعيف العاجز عن فعل شيء ، وشعرت بالإشميزاز لدرجة الغثيان لخطب السيد نصر الله الجوفاء وشعارات حزب الله الإيرانية الخبيثة الطوية التي يرفعها باسم المقاومة ومحاربة إسرائيل .

وكان شعار من دفعهم حزب الله وعون وبري للخروج للشارع وإسقاط الحكومة ، هو أنهم يريدون تحرير لبنان من حكومة تتلقى أوامرها من واشنطن ، دون أن يكملوا الجملة ويقولون نريد حكومة تتلقى أوامرها من طهران ودمشق .. وتمهيداً لهذا المشهد المسرحي في ساحة الصلح ببيروت اغتالوا الحريري ، وتبعوه ببيار الجميل ، والقائمة ما تزال مفتوحة لمزيد من الاغتيالات السياسية ، فما يحدث الآن من قبل من يسمون أنفسهم بالمعارضة ينذر بالويل وعظائم الأمور لقدر بيروت المغلوبة على أمرها ، والتي تذكر جيداً ما فعله بها ميشال عون قبل أن يركض ويختفي كالجرذ في السفارة الفرنسية لترحله فيما بعد إلى باريس ، ليعود بعد أن انزاحت الغمة التي كان أحد صناعها ويرفع شعارات المعارضة السياسية ، منشقاً عن الصف المسيحي ، متحالفاً مع الشيعي نصر الله ، ونبيه بري رجلي إيران في المنطقة .. والقشة التي قصمت ظهر البعير في هذا الخروج الجماهيري المعارض هو قرار الأمم المتحدة بإنشاء لجنة تحقيق دولية في مقتل الحريري ، والعقل والمنطق يقولان لا يحتج على هكذا لجنة سوى القتلة أنفسهم ، واللبيب بالإشارة يفهم كما نقول في لغتنا التي نسميها الجميلة ، مع أننا لم نسمع يوما على نعت لغة بالقبيحة !! .

ان ما يحدث في لبنان ذو الحكومة الديمقراطية المنتخبة ، وكذلك العراق الغارق في الدماء رغم حكومته المنتخبة ، وكأنما يدفعنا لقناعة أن كلمة " ديمقراطية " مصطلح لا يخصنا نحن العرب الأليفين وادعين في ظل حكم الطغاة والسافحين ، ونتحول بمجرد أن ننال شيء

من نسمات الحرية إلى مخلوقات مرعبة تأكل بعضها والأخضر واليابس ، ونعود باختيارنا إلى دوامات الموت والقمع والدماء ، وهاهو صدام يتبدى لنا في قفصه كحمل وديع بفعائله البالغة الشراسة والدموية ، أمام ما تفعله القاعدة والجماعات الإسلامية ، والشيعة والبعثيين بالشعب العراقي المغلوب على أمره ، والذي لابد وأنه يلعن اليوم الذي سمع فيه بكلمات مثل حرية ، ديمقراطية ، حق المصير وما إلى ذلك من شعارات براقة لم تعرفها أو تألفها شعوبنا المقهورة يوماً .

فهل نحن شعوب مبرمجة أصلاً مع الذل وفقدان الكرامة ، ولا تستقيم أمورنا إلا بعصي الحكام الطغاة !!! ؟
واستكمالاً لما أوردته ، وقد يراه السادة الغارقين في التحليلات السياسية عبر الفضائيات وشبكة الإنترنيت غباء وجهل مدقع بالسياسة ودهاليزها دعوني أستمر وأطرح ما أراه من حلول قد تزيد من جرعة الضحك على ذلك القروي المتنور الذي ذكرته سلفاً في حديثي وإليكم ببساطة ما أعتقده من حلول جذرية لمشاكل العراق ولبنان .

-
بالنسبة للعراق يوجد حلان لأزمته وإيقاف أنهر الدماء .. الأول أن يتبرع لهم العالم ببلدوزرات تقتلع كل المراقد والأضرحة والمساجد والكنائس والمعابد من جذورها ، عل هولاء القوم يحسوا ويقتنعوا أن ثمة حياة في هذا العالم بعيداً عن الموتى والعالم السفلي أما الحل الثاني .. فأن يعيد الأمريكيون الطاغية صدام حسين إلى سدة الحكم في العراق ، ويرجعوا إلى بلادهم ظافرين من الغنيمة بالإياب .

-
بخصوص الأزمة اللبنانية فكلنا ثقة بأنه ليس هناك ثمة زعامة يمكن أن يلتف حولها الشعب اللبناني لتوحده ، ولم يسجل لنا التاريخ يوماً أن هذا الشعب أتفق على شيء سوى صوت مطربتهم العظيمة فيروز ... هل وصلكم الحل الذي أقترحه ، فليطرد اللبنانيون كل زعماء الميكرفونات المجانين ، ويحضروا السيدة فيروز لتوحدهم مجدداً كما وحدتهم في أصعب أوقات دمار بيروت في منتصف سبعينات القرن الماضي حين صدحت بصوتها الملائكي " بحبك يا لبنان يا وطني بحبك " .

*
شاعر وكاتب ليبي

المصدر : صحيفة الوسط التونسية 16 يوليو 2007

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق